وعليه، فإنه لإيضاح الفكرة ولتغلغل الفكرة إلى القلب، نحتاج إلى الاستمداد الدائم.. ولهذا النبي -صلى الله عليه وآله- والأئمة -عليهم السلام- هم هداة الخلق فكراً وعملاً.
١. أهمية تحديد الأهداف الأساسية عند إنشاء المراكز القرآنية والتأكيد على وضوحها لدى العاملين.
• كيف تناولت الروايات الشريفة مسألة تحديد آخر سورة وآخر آية نزلت من القرآن الكريم؟ وما هو طريق الجمع بينها؟
دعاء الرسول عليه الصلاة والسّلام: (أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا).[١٠]
فيا من تقرأ على نفسك القرآن، وما وجدت فائدة كما تقول، وتزعم: انظر في نفسك وحاسبها، ما هو السبب الذي جعلك لا تحس بالفائدة، ولا تشعر بالبركة والعافية؟ ربما أنك تقرأ القرآن، وليس في قلبك أي توكل على الله، أو ليس في قلبك يقين بموعود الله، كما نشاهده في هذا الزمان، فكثير من الناس لا يلجئون، ولا يعودون للقرآن إلا بعد الأطباء والمستشفيات، وبعد السفريات والعمليات، بل ربما - والعياذ بالله - بعد السحرة والمشعوذات! نسأل الله السلامة والعافية!
الشيخ: يعني سرٌّ بين العبد وبين ربِّه؛ ولهذا يقول جلَّ وعلا: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعفٍ، إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، والصائم يكون مع الناس لا يأكل ولا يشرب، ومَن يعلم أنه قصد وجهَ الله بذلك؟! لا يعلمه إلا الله ، هو الذي يعلم ما في القلوب.
فالمواطن السافلة: دنيا تزين لَهُ ونَفس تحدثه، وعدو يوسوس لَهُ فَهَذِهِ مَواطِن الأرْواح السافلة الَّتِي لا تزال تجول فِيها.
فإذن، إن الخذلان الإلهي هنا، يأتي ليوجد سداً منيعاً بين الفكرة وبين القلب وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ .
حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبدُالرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر قال: سُئل النبيُّ ﷺ: أي المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، قال: وسُئل النبيُّ ﷺ عن هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ، قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال: نورٌ يُقذف فيه، فينشرح له website وينفسح، قالوا: فهل لذلك من أمارةٍ يُعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتَّجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت.
* قول الله-سبحانه وتعالى- في سورة النساء "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا".
وَمِنْهَا الشَّجَاعَةُ: فَإِنَّ الشُّجَاعَ مُنْشَرِحُ الصَّدْرِ، وَاسِعُ الْبِطَانِ، مُتَّسِعُ الْقَلْبِ، وَالْجَبَانُ أَضْيَقُ النَّاسِ صَدْرًا، وَأَحْصَرُهُمْ قَلْبًا، لَا فَرْحَةَ لَهُ، وَلَا سُرُورَ، وَلَا لَذَّةَ لَهُ، وَلَا نَعِيمَ إِلَّا مِنْ جِنْسِ مَا لِلْحَيَوَانِ الْبَهِيمِي.
الشيخ: وذلك لما جعل اللهُ في قلب السَّخي من محبَّة الإحسان والجود والسَّماح بالمال، وعدم عظمته في قلبه، فهو في راحةٍ بما يرى من إحسانٍ للناس، ومُواساةٍ، وشفاعةٍ، ونحو ذلك. والبخيل مثلما جاء في الحديث الصحيح كصاحب الجبَّة التي قد لصقت حلقتُها به، الذي ما رضي أن يُحسن لصقت كل حلقةٍ مكانها، وضاقت عليه الجبَّة حتى لا يستطيع أن يُنفق ويُحسن، ولا يستطيع أن يتخلص من الجبَّة؛ لما في قلبه من الضيق والحرج وحُبِّ المال، وكراهة الإحسان، فهو في ضيقٍ وحرجٍ عند خروج أي فلسٍ وأي شيءٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا نَهَاهُمْ عَنِ الْوِصَالِ فَأَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا، ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ.
فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.